يعد الزواج العلاقة الشرعية التي تربط بين الرجل والمرأة وهو المؤسسة الاجتماعية التي تبدأ بزوجين يفترض أن يجمعهما الحب والاحترام والتقدير، لا شك أن التعارف بين الرجل والمرأة قبل الزواج عبر التاريخ كان مختلفا من مرحلة وأخرى ومن مجتمع إلى آخر، فكان التعارف في مرحلة ماضية أمرا غير مرغوب فيه فلا يرى أحدهما الآخر إلا في ليلة العرس، وهذا جعل من العلاقة أشبه بفتح بطيخ لا يعلم أحد إن كان حلوا أم سامجا، فتكتفي العروس بما يقوله لها أهلها عنه من صفات لم ترها هي فقط سمعتها، وكذلك العريس يتشوق فقط لرؤية امرأة اختارتها له أمه في كامل المواصفات، لكن عندما يلتقيان لأول مرة قد يتوافقان وقد يتنافران لعدة أسباب
مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي بدأت معه عمليات التعارف والتواصل بين روادها لعدة أسباب، لكننا في مقالنا هذا سنركز على ظاهرة التعارف للزواج، وما يمكن جزمه أن الفضاء الافتراضي هو غير واقعي ويفتقد للكثير من المصداقية ويكثر فيه التلاعب والكذب والتدليس في ظل الكثير من الحسابات الوهمية
لماذا يلجأ البعض للزواج عبر مواقع التواصل؟*
إن تخمين المجتمعات عندنا بنسبة كبيرة ترى أن عالم النت فيه مساحة كبيرة من الحرية لمعرفة الكثير عن الطرف الآخر، وأن الطرفان يمكنهما أن يخوضا تجربة التعارف قبل الزواج بأريحة كبيرة، وهذا لا شك ليس صحيحا مئة بالمئة، لأنه يحمل جزءً بسيطا من الصحة، فهذه المساحة قد تنقلب على مستخدميها وبالا وسعيرا هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعتقد البعض أنه لن يخسر أي شيء في علاقة تبدأ في عالم افتراضي وتنتهي فيه، فهي إن طالت وقصرت علاقة افتراضية قد تنتقل إلى العالم الحقيقي في حال رغب الطرفان بإنجاح هذه العلاقة بعد نجاحها بالأصل في ذلك العالم
استخدام فضاءات التواصل الاجتماعي بوعي يسهم في نجاح علاقات ما قبل الزواج*
علينا أن نعي تماما أن وسائل التواصل الاجتماعي هي طرق تساهم إما في بناء علاقات متينة بين روادها أو بناء جسور من سراب لا توصل إلى بر الأمان، هذا كله راجع إلى طبيعة الأشخاص ومدى وعيهم في استخدام منصات التواصل، كذلك بالنسبة لموضوع الزواج عبر هذه المواقع فيحتاج إلى مزيد من الحذر من الأشخاص ومدى جدية دخولهم في علاقة تنتهي بالارتباط، خاصة في ظل التدليس والكذب، في ظل انتشار الكثير من الحسابات الوهمية التي لا يعرف هوية أصحابها، لذلك لا بد من إدراك نقطة مهمة للغاية وهي أن الزواج من المواضيع الهامة والحساسة التي لا يجب التعاطي معها باللامبالاة، فهو مؤسسة اجتماعية تنطلق منها بناء المجتمعات وفيها كتب الفلاسفة مقالات ونظم فيها الشعراء القصائد ومازال السوسيولوجيون يكتبون أبحاثهم التي لا تنتهي مع مر العصور ، لذلك على طرفي العلاقة معرفة كل التفاصيل عن الطرف الآخر مع إبقاء التعارف وفق معايير أخلاقية مبنية على احترام الطرف الآخر وعدم الدخول في علاقات مشبوهة قد تودي بالطرفين إلى الوقوع في خندق مظلم، لكن في حال كما قلنا بنى الطرفان علاقتهما وفق أسس سليمة فقد تنجح العلاقة وتثمر زواجا ناجحا كانت بدايته تعارفا سليما عبر السوشلميديا وفعلا هناك زيجات تحققت عبر التعارف من خلال الفضاء الافتراضي ونجت واستمرت
عالم وهمي يكثر فيه الكذب لا يصلح لتأسيس علاقة مثل الزواج*
يجب أن نؤكد على مسألة ربما لا يختلف عليها اثنان؛ وهي أن كثيرا من الأطراف المتعارفة قبل الزواج أو في فترة الخطبة تكثر فيها حالة الزيف وإظهار أشياء غير موجودة لأجل تلميع صورة كل واحد منهما ومن أجل إخفاء العيوب، وأحيانا لا تكتشف هذه العيوب إلا بعد الزواج، فما بالنا بالعالم الافتراضي الذي لا يرى الطرفان بعضهما، بل كل ما يعرفانه عن بعضهما لا يمكن أن يتجاوز مسافة تلك الشاشة التي تفصل بينهما، فهذا العالم صحيح أن به مساحة أكبر ولكنه مكان للأسف الشديد يكثر فيه الكذب على حساب الصدق، بغية تضليل الآخر وتركه يعيش في عالم الأوهام بمعطيات غير موجودة إطلاقا للسيطرة عليه، لكن عند الوصول إلى العالم الحقيقي تنكسر تلك الصورة المزيفة لأن حبل الكذب قصير، وتحدث بعدها حالة من الصدمة التي يعيشها الطرفان فلا شيء كما كان في فضاء التواصل الاجتماعي
لذلك نؤكد أن الزواج علاقة تحتاج إلى التعامل معها بكل جدية، وما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد فشل الكثير من العلاقات التي ترغب بالزواج والارتباط بسبب عدم النضج واستخدام السوشل ميديا لأغراض أخرى غير الزواج، في نفس الوقت هناك من نجحت علاقته التي بدأت من موقع إلكتروني أو موقع اجتماعي لأن النجاح أو الفشل راجع بالنتيجة إلى مدى الوعي في استخدام هذه الوسائل بالطريقة التي توصلنا إلى نتيجة سليمة وصحية
للكاتبة القديرة : منى شلبي
اعلامية وكاتبة جزائرية. قدمت عدة برامج سياسية بالاضافة الى تحرير واذاعة نشرات اخبارية في قنوات فضائية، وكاتبة لمقالات في صحف ومواقع عربية عن مواضيع اعلامية.وتعمل في مجال التدريب الإعلامي وحائزة على عدة شهادات كمدربة معتمدة من بريطانيا والامارات العربية المتحدة